--------------------------------------------------------
-------------------------------------------------------
-------------------------------------------------------
[
اليمن السعيد موطن العرب، ووطن بلقيس وملوك سبأ وحمير وثورة سيف بن ذي يزن، يعيش منذ مدة حالة من عدم الاستقرار وتتنازع هذا البلد العربي تيارات متعددة ترمي إلى زرع الفوضى وإيجاد كيانات سياسية جديدة على أرضه وتتعدد الأسباب الكامنة وراء ما يحدث من أمور. لكن لا ريب أن المشكلة كبيرة وتتطلب حلاً سريعاً قبل فوات الأوان ويوجد خطران داهمان يهددان مستقبل الدولة اليمنية هما: حركة الحوثيين في الشمال الذين يطالبون بالعودة إلى نظام الإمامة الزيدية في اليمن، والحراك الجنوبي، الذي يترافق مع دعوات إلى سلخ جنوب اليمن مجدداً عن الوطن الأم.
ولا يعدّ أحد هذين الخطرين أخفّ من الآخر، بل كلاهما في السوية نفسها، لكن الدولة اليمنية تعاملت بقسوة مع الحوثيين الذين رفعوا السلاح في وجهها ودفعتهم إلى التقوقع مما أدى إلى اضمحلالهم وضعفهم. أما تحركات الحراك الجنوبي، فهي في عمومها، حركة سلمية تتمثل في مظاهرات كبيرة تعمّ مدن الجنوب اليمني تطالب بالانفصال والعودة إلى الاستقلال وهي بسلميتها لا تفسح المجال أمام الجيش للتدخل، لكن لا يخلو الأمر من مناوشات تحدث هنا وهناك في مدن ومناطق الجنوب ينجم عنها سقوط الأبرياء بين قتلى وجرحى.
وتطرح تحركات الحراك الجنوبي، وما يرافقها من دعوات الى الانفصال، سؤالاً كبيراً حول أسبابها والأهداف التي ترمي إليها. لكن لا يمكن النظر إلى هذه الحركة إلا من خلال النظر إلى تاريخ اليمن
نفسه، ففي جنبات هذا التاريخ تكمن
بعض التفاصيل التي تُخبر عن الواقع الحالي.
تعرض اليمن لغزوات خارجية متعددة تركت آثاراً كبيرة عليه وعلى شعبه وتعد مرحلة الاستعمار العثماني ومن ثم الاستعمار الغربي من أخطر المراحل التي مرّ بها والتي صنعت واقعه الحالي.
فقد عهد العثمانيون بعد سيطرتهم على سوريا ومصر في مطلع القرن السادس عشر إلى بسط سيطرتهم على الجزيرة العربية ونجحوا في احتلال السواحل من عدن حتى الكويت، كما توغلوا في الداخل وخضعت لهم نجد والحجاز ووقفت الإمامة الزيدية في اليمن في وجوههم وحاربتهم مما أدى إلى تأخر سقوط صنعاء إلى سنة ،1551 لكن رغم ذلك، ظل الحكم في اليمن يتأرجح بين الولاة العثمانيين والأئمة الزيديين حتى نهاية الحكم العثماني عام 1918.
وفي مطلع القرن التاسع عشر كانت بريطانيا قد وضعت يدها على مسقط وعمان عام 1800 وعلى لحج وعدن عام 1802 وبعد ذلك استعمرت باقي سواحل الجزيرة العربية.
مع انهزام العثمانيين في الحرب العالمية الأولى أمام الإنجليز، اندفع هؤلاء للسيطرة على اليمن كله. فوقعت الحرب بينهم وبين الأئمة الزيديين منذ عام ،1918 وظلت هذه الحرب سجالاً إلى أن وقّع الجانبان على اتفاقية عام 1934 تضمن اعتراف بريطانيا باستقلال اليمن الكامل، والتزام الطرفين بالحدود القائمة، واعتراف الإمام بالحماية البريطانية على عدن وباقي محميات الجنوب. وهكذا بقي اليمن مقسّماً، وفي عام 1962 حدثت ثورة في الشمال بقيادة عبدالله السلال، ألغت نظام الإمامة وأقامت النظام الجمهوري، وفي عام 1967 ظهرت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ذات التوجهات الاشتراكية وأصبحت هذه الدولة عضواً مراقباً في حلف “وارسو”.
وتلاقت رغبة القيادتين اليمنيتين في الشمال والجنوب على الوحدة مطلع التسعينات من القرن الماضي، لكن هذه الوحدة التي تحققت أخيراً بعد حرب بين الشمال والجنوب عام 1994 ظلّت تفتقر إلى الأساس الذي يتمثل في القاعدة الشعبية ذلك أن الجنوبيين لم يتقبّلوا فكرة الوحدة بسبب اختلاف التوجهات واختلاف التنشئة الثقافية. فبدأوا يطالبون بالانفصال وبناء دولة مستقلة.
أدام الله على اليمن السعيد عزّه وسؤدده وأن يحميه من كل فتن، وأن يلهم الجميع اتباع الحق والصواب وأن يُعمم التنوير الإنساني أكثر كي يجمع شعبه على محبة الوطن والتلاحم الأخوي في مجتمع يسوده الود والتكامل والالتقاء معه في مسيرة السلام والاستقرار.
**نقلا عن "الخليج" الإماراتية
ولا يعدّ أحد هذين الخطرين أخفّ من الآخر، بل كلاهما في السوية نفسها، لكن الدولة اليمنية تعاملت بقسوة مع الحوثيين الذين رفعوا السلاح في وجهها ودفعتهم إلى التقوقع مما أدى إلى اضمحلالهم وضعفهم. أما تحركات الحراك الجنوبي، فهي في عمومها، حركة سلمية تتمثل في مظاهرات كبيرة تعمّ مدن الجنوب اليمني تطالب بالانفصال والعودة إلى الاستقلال وهي بسلميتها لا تفسح المجال أمام الجيش للتدخل، لكن لا يخلو الأمر من مناوشات تحدث هنا وهناك في مدن ومناطق الجنوب ينجم عنها سقوط الأبرياء بين قتلى وجرحى.
وتطرح تحركات الحراك الجنوبي، وما يرافقها من دعوات الى الانفصال، سؤالاً كبيراً حول أسبابها والأهداف التي ترمي إليها. لكن لا يمكن النظر إلى هذه الحركة إلا من خلال النظر إلى تاريخ اليمن
نفسه، ففي جنبات هذا التاريخ تكمن
بعض التفاصيل التي تُخبر عن الواقع الحالي.
تعرض اليمن لغزوات خارجية متعددة تركت آثاراً كبيرة عليه وعلى شعبه وتعد مرحلة الاستعمار العثماني ومن ثم الاستعمار الغربي من أخطر المراحل التي مرّ بها والتي صنعت واقعه الحالي.
فقد عهد العثمانيون بعد سيطرتهم على سوريا ومصر في مطلع القرن السادس عشر إلى بسط سيطرتهم على الجزيرة العربية ونجحوا في احتلال السواحل من عدن حتى الكويت، كما توغلوا في الداخل وخضعت لهم نجد والحجاز ووقفت الإمامة الزيدية في اليمن في وجوههم وحاربتهم مما أدى إلى تأخر سقوط صنعاء إلى سنة ،1551 لكن رغم ذلك، ظل الحكم في اليمن يتأرجح بين الولاة العثمانيين والأئمة الزيديين حتى نهاية الحكم العثماني عام 1918.
وفي مطلع القرن التاسع عشر كانت بريطانيا قد وضعت يدها على مسقط وعمان عام 1800 وعلى لحج وعدن عام 1802 وبعد ذلك استعمرت باقي سواحل الجزيرة العربية.
مع انهزام العثمانيين في الحرب العالمية الأولى أمام الإنجليز، اندفع هؤلاء للسيطرة على اليمن كله. فوقعت الحرب بينهم وبين الأئمة الزيديين منذ عام ،1918 وظلت هذه الحرب سجالاً إلى أن وقّع الجانبان على اتفاقية عام 1934 تضمن اعتراف بريطانيا باستقلال اليمن الكامل، والتزام الطرفين بالحدود القائمة، واعتراف الإمام بالحماية البريطانية على عدن وباقي محميات الجنوب. وهكذا بقي اليمن مقسّماً، وفي عام 1962 حدثت ثورة في الشمال بقيادة عبدالله السلال، ألغت نظام الإمامة وأقامت النظام الجمهوري، وفي عام 1967 ظهرت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ذات التوجهات الاشتراكية وأصبحت هذه الدولة عضواً مراقباً في حلف “وارسو”.
وتلاقت رغبة القيادتين اليمنيتين في الشمال والجنوب على الوحدة مطلع التسعينات من القرن الماضي، لكن هذه الوحدة التي تحققت أخيراً بعد حرب بين الشمال والجنوب عام 1994 ظلّت تفتقر إلى الأساس الذي يتمثل في القاعدة الشعبية ذلك أن الجنوبيين لم يتقبّلوا فكرة الوحدة بسبب اختلاف التوجهات واختلاف التنشئة الثقافية. فبدأوا يطالبون بالانفصال وبناء دولة مستقلة.
أدام الله على اليمن السعيد عزّه وسؤدده وأن يحميه من كل فتن، وأن يلهم الجميع اتباع الحق والصواب وأن يُعمم التنوير الإنساني أكثر كي يجمع شعبه على محبة الوطن والتلاحم الأخوي في مجتمع يسوده الود والتكامل والالتقاء معه في مسيرة السلام والاستقرار.
**نقلا عن "الخليج" الإماراتية